عندما ترغب في النفاذ إلى الماضي البعيد، إلى مجاهل التاريخ الذي يسبق التاريخ المدوّن، ولا تجد أمامك إلا بعض الآثار المبعثرة في الخرائب والعاديات المطمورة في القبور تستنطقها فلا تنطق إلا قليلاً، تعود إلى "الكلمة" التي رافقت الإنسان في تطوره الحضاري الطويل، إذ في ثناياها، في اجتماع حروفها، صور وخيالات قد تعيد لها بعض القصة. ولكن "الكلمة" من نتاج العاطفة قبل أن تكون من نتاج الفكر، من نتاج السحر والغناء المقدّس، قبل أن تكون من نتاج العلم والفكر المركز، فلا معدى أن تأتي الكملة مشوبة بالعنصر الإنساني الذاتي، فلا يصح الركون إليها دوماً في قضايا التاريخ والفكر، غير في دراسته هذه والتي هي طي هذا الكتاب حول أسماء الأشهر والأيام، والعدد ومعانيها، لجأ إلى الاستنتاج اللغوي، أي أنه وقع فيما حظر عدم الوقوع فيه، وربما يكون قد توهم في استنتاجه في بعض الأحياء، إلا أنه حاول أن يقدم استنتاجاته مبنياً على الاستنتاج اللغوي عوضاً عن لجوئه إلى الاستنتاج التاريخي المبني على دراسة لغوية فقهية، لأنه كثيراً ما يكون هذا الاستنتاج عرضة للخطأ. وكثيرون هم المؤرخون الذين اعتمدوا "الكلمة" مصدراً رئيسياً وحيداً في فهم التاريخ، أو في تقديرات مميزات الشعوب فوقعوا في أخطاء فاضحة. وقد تضمنت الدراسة أبواباً وفصولاً دارت حول النقاط التالية: الباب الأول أسماء الأشهر وتفسير معانيها، السنة القمرية والشمسية، الأشهر الرومانية أو الافرنجية، الأشهر السريانية أو الأشهر الرومية، الأشهر العربية الإسلامية، الأشهر العربية الجاهلية، الأشهر الثمودية. الباب الثاني: أسماء الأعداد وتفسير معانيها: أسماء أيام الأسبوع: أيام الأسبوع وتسمياتها القديمة أو الجاهلية، تسمياتها المستحدثة أو الإسلامية، تسمياتها في اللغة اللاتينية واللغة الفرنسية، تسمياتها في اللغة السكسونية القديمة والإنكليزية.