أحبك في القنوط وفي التمني، كأني منك صوتُ، وصوت مني! أحبك فوق ما وسعت ضلوعي، وفوق مدى يدي، وبلوغ ظني، هوى مترنح الأعطاف، طلق، على سهل الشباب المطمئن، أبوح إذن فكل هبوب ريح حديث في الدنيا، وعني، سينشرنا الصباح على الروابي، على الوادي، على الشجر الأغن، أبوح إذن، فهل تدري الدوالي بأنك أنت أقداحي، ودني؟!، أتمتم باسم ثغرك فوق كأسي، وأرشفها، كأنك، أو كأني...، نعيم حبنا، فانظر بعيني، وعرس للمنى، فاسمع بأذني!، كأن الصحو يلمع في ظنوني، ويخفق في ضلوعي ألف غصن، على الوتر الحنون خلعت شوقي، وماج هواي في آه المغني، ففي النغم العميق إليك أمشي، وأسألك جانب الوتر المُرِنِّ...".
في قصيدته تلك بوح شوق تسوقه عبارات هي شفافة شفافية الشوق نفسه، وانسيابه كانسياب العاطف في حنايا ضلوع ذلك الشاعر. قصيدة أمين نخلة كما باقي قصائده في ديوانه هذا تعود بالذاكرة إلى زمن الشعر الجميل الذي ينطلق في سلاسة ودون تكلف، على الرغم من الصنعة الشعرية الرائعة في تراكيبه والتي تعبر عن مقدرة الشاعر في الصنعة البلاغية التي هي ما تنضح به هذه القصيدة وسائر القصائد. تأسرك الموسيقى الشرعية للأبيات فيظل صداها سارياً في داخلك كأحلى موسيقى.
وتأسرك القوافي لتبقى حاضرة في ذهنك وعلى لسانك. وتسكنك القصيدة بمعانيها داخل أبياتها فما تدري أتسكنك القصيدة أم أنت ساكنها... شاعرية أمين نخلة تعدو بك إلى حد التماهي بمعانيه وعباراته وبمشاهده التي تصورها تلك العبارات وتلك المعاني كأروع تصوير. وقد نظم الشاعر قصائده في هذا الديوان ضمن أربعة مواضيع: الحب والحبيب، الحياة والطبيعة، الموسيقى والغناء، الخط والتصوير. ولا ننسى ما استهل به الشاعر ديوانه هذا من تصدير لأمير الشعراء، وكلماته للشاعر اليوناني بابادي ياناقوس.